الثلاثاء

مشروع تأهيل وإصلاح


تعودنا دائماً عند إثارة أي قضية ما ونقدٍ لمؤسسات الدولة أو الحديث عن فساد بعض الأنظمة وسوء التخطيط أن نواجه بردوداً غريبة وغير متوقعة تنم عن عقول غير واعية وغير مُدركة بأحقية النقــد واتساع مساحة الحـوار بغية الإصلاح والذي من أجله جاء هذا النقد الذي هو ركنٍ من أركانه وركيزة من ركائز البناء الذي لن يكتمل إلا بهذه الألية النقدية الهادفة
فإما تجد من ينسف الحــوار بتلك الكلمات المعهودة والمعلبة والتي يستخدمها العامة ولا يجدون غيرها مثل " أنت تنفخ في قربة مقطوعة" و "عمك أصمخ " و "ما أحد درى عنك" إلى ما هُنالك من كلمات الإستكانة واللامبالاة رغم أن فيهم الفقير والمحتاج والمسلوبة حقوقه والمثقف أيضاً وهذا الإصلاح لم يأتي إلا من أجلهم وصيانة لحقوقهم لكنهم قومٌ اعتادوا التخاذل وأصبح السكوت لغة من لا لغة له
وفي الفئة المُـقابلة يأتيك المُطئطئة رؤوسهم المنحازون انحياز أعمى الذين ليس بأيديهم حلاً ولا ربط ولم يكن لهم مناصاً غير الاختلاف والخلاف فيقذفونك بوابل من الأذى والاعتداء على شخصك وينعتونك بالحاقد والحاسد على البلاد والعباد الناكر لوطنه الناقم على ولاة أمره الموالي للغرب حتى أصبحت الوطنية في عُـرف الكثير أن التطرق للدولة "جناية"وتوجيه النقد لها من المحرمات والسكوت في حضرتها فرض عين حتى أن المسؤول اعتاد ذلك فارتضاه ولائمه فَــسلم بمقولة " لا أُريكم إلا ما أرى " ولا ادري لماذا نستنكر رأي بوش "من ليس معنا فهو ضدنا " طالما أن لدينا نفس النظرية !
ومن ذلك المُـنطلق ودت عمل هذا المشروع "الإصلاحي" وتوضيح مفهوم الإصلاح والمراد به والغرض منه لأن الجُـهلاء ربما ينسبونه إلى قناة الإصلاح التي تبث من لندن فكل من طالب به إنما هو يستقي أفكاره من هُـناك فهو لندني مارق وبعض المسؤولين يرى أن الإصلاح والإرهاب وجهان لعملة واحدة !فمتى كانت هموم المواطن ومشاكله والعوائق التي تُعيق تقدم الوطن والحيلولة دونها تنصب في قائمة الإرهاب !
إن الإصلاح مهمة عظيمة وجهد شاق وعمل دؤوب ومن يسعى للإصلاح فهو يسعى للخير لوطنه وشعب وطنه و ولاة أمره فقد ارتضى لنفسه المتاعب وتحمل الشبهات مُـقابل سعادة غيره فهي مهمة لم تأتي لمجرد الإعتراض والمعارضة ولم تكن نتيجة لمراسلة السفارات الغربية
إنما هي أهداف سامية ومقاصد نبيلة وعمل انساني يدل على وعي ودراية بأهمية الحقوق وأحقيتها ويسعى للنماء ورأب الصدع فلا يقوم به إلا من هو مؤهلاً له ومـُناط به الخير والصلاح
نقطة مهمة ليس صحيح أن الإصلاح يأتي مُـعاكساً لتوجه الدولة أو أنه يحط من مكانتها وسيطرتها على الشعب حسب ما يرى بعض أهل العقد والربط وأنه قد يتوسع إلى أكبر من ذلك صحيح أن الإصلاحيون يختلفون وتختلف مطالبهم وتوجهاتهم فهم ثلاثةالإصلاحيون الإصوليون المُحافضون الإصلاحيون الإسلاميون المعتدلونالإصلاحيون الليبراليون لكن على الدولة أن تُحدد الذي يُجمع عليه الجمهور ولا يضر بسياستها وسيادتها أفضل من تجاهل الكل
لأن التجاهل هو من يثير الإرهاب وهو من يفرض التدخلات الغربية ومن لم يكن له صوتاً مسموع فحرياً به أن يلجأ للخارج طالما أنهم يعدون له الأرض الخصبة
خلاصة الأمرسعي المملكة للإصلاح لن يجعلها تخسر وإُصغاءها لمطالب الإصلاحيين المعتدلة سيجعلها توفر الكثير من الإنفاق على الإرهاب وحفض ثروات الوطن والإستفادة من فكر هؤلاء الإصلاحيين فمنهم المهندس والسياسي والمالي والإقتصادي والشرعي هؤلاء هم من يرقي ويبني الوطن لا ليهدمه
إن أبرز ما يــُعثر خطط الإصلاح في المملكة هو تحيز المؤسسات الدينية و ولائها للسلطة وعدم توخي سُـبل الإنصاف وتعظيم الفساد للحاكم ونصحه واتخاذ موقفاً واضحاً وحيادياً والإكتفاء بالدعاء له والقنوت في رمضان إذ أن الشارع السعودي يثق ثقة كبيرة بالمؤسسات الدينية ورموزها ويأخذ بقراراتها ولا يُجادل فيها وهذه المؤسسات لاتلتفت لقضايا المجتمع الإجتماعية في كثير من الأحيان وكأن دورها مُـناط بالجانب الفقهي فقط لذلك فإن المؤسسات الدينية العلياء ومشائخ السلطة عليهم مهمة عظيمة ومُـناطٌ بهم الصلاح والإصلاح فهي تلتزم الصمت الرهيب تجاه كل نكسة تحل بالشعب حتى أن الفتاوى المتعلقة بسوق الأسهم مُتذبذبة فمن المشائخ ما يحرم بعض المساهمات ومنهم من يحللها فأصبح المجتمع حيران بينهما لا يدري بمن يقتدي وعلى ماذا يُقدم وأصبحت النتيجة هي خسران الجميع وصارت الفتاوى في صالح الهوامير الجشعان وسلطتهم وعندما قاطع الشعب البضائع الأمريكية لم يستطع المفتي إلا أن يصفهم بالمطعطعون وقد أنقص من قيمة هذه المقاطعة النزيهة الحرةلكن الشعب بدأ يستوعب ما يضره دون الحاجة للرجوع لرجال الدين لا سيما وهذه المقاطعة لا تضر بالدين فاستمر بتأييد ومباركة حملته إنني أخشى أن يفلت العيار ولا يعبه أحداً بأحد طالما المسؤولية غير متبادلة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.