الجمعة

السعودية وصراع الحق والباطل ونقطة الصفر







بعد ما سقطت ورقة الدين والتي تحصن بها النظام منذ قيام الدولة السعودية الثالثة (إلى أجل غير مسمى ) الدين الذي من أجله ضل المجتمع مُتغافلاً عن كل شيء بحكم أننا الدولة الوحيدة التي تُطبق الشريعة الإسلامية فكل شيء مُستثنى من الشريعة



وعقب الانفتاح على العالم والضخ العولمي المُطرد وغير المُتناسق من قبلنا باتت أهداف القيادة واضحة فهي لم تسعى حتى لتهيئة المجتمع بل وضعته في مهب الريح وعراك مع القيم فبعد خصوصية الإيمان وطُمأنينة الرحمن انفتاح على الزندقة


وكأنك يا بو زيد ما غزيت ولا عاد تحالف بن سعود مع محمد بن عبد الوهاب ولا جاد فلم تعد القيادة آبهة بتقرير مصير الشعب ولا لردة فعله


المهم أرضاء الغرب ومواكبة العولمة ولا عبرة بكل الدروس والتجارب التي شهدها الأشقاء مع معارك التحرير


من أجل الانحلال ومآسي الاستعمار فخوض التجربة هو المهم



المجتمع المحافظ والرجال الغيورون لم يستوعبوا نقطة الانعطاف فمنهم من قضى نحبه في الإنكار ومنهم من ينتظر المُغيث وهُناك ثُـلة ما زالت تقرضهم قرضاً حسناً وعلى حساب مبادئهم


ولا يزال الصراع بين ثلة من المُنحلين ومجتمع بأسره , والمُخيف في الأمر أن تلك الثلة القليلة كما تبدو, فكفتها هي الرابحة ولا ضير أنها تحظى بتمويل ومُساندة فهم ليسوا مُقيدون بخطوط حمراء أرائهم بأيديهم ومطابعنا ترحب بهم .؟



مقولة ( جوع كلبك يتبعك ) كانت ناجعة ومُفيدة مع القطيع الذي ضل مُسلم بها لعقود حتى وإن كان في أغنى دولة ولا يهم أن يكون أفقر شعب أهم شي ما يحبس والرزق على الله


والقطيع تنازل عن كثير ويعفوا عن الكثير لكنه لا يُساوم على مبادئه وثوابته والتي لم يدركها الراعي بعد , فهو وإن كان قطيع يُهش ويُنش لكن تميزه الأصالة مُعرضاً للمُناطحة ولنا في سُعار القطعان المُجاورة أمثله وعِبر


خاصةً أنه مُعدي والسُعار إن لم يكن للدنيا كان للدين وعلى الراعي أن يدرك متى يجب على القطيع أن ينتفض



ولولا أن هبت رياح الربيع العربي في المنطقة لكان هُناك مُتسعاً من الوقت للتأني لكن الرياح عندما تعصف فستؤثر على الجميع والقيادة لم تسلك مسلكاً متأنياً ورشيداً فمن جرف لجرفٍ هارٍ

هذا التصعيد الفكري الخطير واستمراء الزندقة في بلد الحرمين لا يدل إلا على أن القيادة بايعتها وليس لديها هدف منطقي ومُنصف راضية كانت أم مُضطرة


السعودية تعيش نقطة وتستطيع القيادة أن تتدارك نفسها وتُحاور من قلوبهم مع الوطن وأرواحهم له وليس تلك الفئة التي سوف تهرب مع انفجار أي أزمة

قوة العقل وقوة الجسد واحتياجاتهما






من المعروف أن مفهوم القوة هو القوة الجسدية والبنية , وهي مطلب في دفع الأذى ومُقاومة البغي

والذود عن الحمى , وبلا شك فهي منوطة بالرجل دون المرأة .



هذه القوة الجسدية لا تحتاج في كثير من الأحيان إلى عقلٍ يؤازرها بما أنها تتجسد في الحماية فقط– والحماية غالباً ليس لها مبدأ ولا تتقيد بالعقل

وهذا ما يكون عليه حال الحراس الشخصيين وما يُطلق عليهم البودي قارد- فهم شُبان غلاظ ذوي بنية وعضلات وأغلبهم لا يملكون عقولاً- تماماً مثل ثيران الحلبات .



لكن هل نستطيع أن ننسب القوة للعقل , وما هو مفهوم القوة بالنسبة للعقل ؟

هل هو برجاحته أم بدهائه أم بفطنته أم أم بسداده ؟ ولمن الغلبة هل هي للقوة العقلية أم للقوة الجسدية أم في أثنيهما معاً ؟

ومالذي كان يقصده صلى الله عليه وسلم من قوله " المؤمن القوي خيراً وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ..الخ الحديث."



لا شك أنه صلى الله عليه وسلم كان يقصد قوة الإرادة والعزيمة والتي يُمثلهما العقل . فالقوة البدنية تترنح من غير مُدير وضابط (العقل)

إنما هل يؤثر في العقل جسمٍ هزيل ؟ هذا ما تثبته الحكمة الشهيرة "العقل السليم في الجسم السليم " فالعقل يحتاج بنية صحيحة لا عليلة لكنه لا يُهزم إن نقصته

لا جرم أن العقل هو المُدبر والمُدير وهو مبعث الحكمة والفراسة والمكر حتى إن رافق هذا العقل جسد هزيل

فالجسد لا يفوق العقل إنما قد يتفوق عليه ويقهره في بعض الأحيان وعندما لا تتفق جميع الأركان وقد يتجلى ذلك بوضوح في مدى سيطرة الحسان الرقيقات على ذوي الألباب والأجساد

فسُلبت عقولهم وأُنهكت قواهم وهو ما اعترف به الفصيح جرير حين قال :



يصـرعن ذا اللب حتى لا حراك به ... وهن أضعـف خلـق الله إنســانا



هذا مع أتهامهن بنقصان العقل والضعف العام .. والكلام هنا ليس عن المرأة ولا عن الرجل وهو سياق لمنطق القوة والغلبة

ليس كقوة جسدية أو معنوية ولكن كمبدأ نافذ وسليم .



لا نختلف بأن العقل يمثل أدواراً كثيرة ويحمل مزايا عديدة .. تتعين في سدة الرأي - الحجة - المنطق - الفهم -الإبداع-الاكتشاف -التدبر-الحفظ والذي يقوم عليه مبدأ الطاعة والعصيان

" وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"

والجسم وهو الذي يقع عليه العذاب فهو يُمثل البنية – القوام – السلامة من العلل – وأيضاً الفحولة والتي يُعد نقصها نقص في الرجولة ! مع أنها لم تـُميز التيوس فبقت تيوساً ولم تكون أسودا !



لا ضير أن القوة الفردية أو الأحادية ليست موثراً مهما كانت عليه إذ أن الغلبة هي في الكثرة والاتحاد وليست في القلة والفرقة والانشقاق - فعلام تتقدم الأمم ؟ هل هو بعدتها وعتادها أم بتفكيرها وتدبيرها ؟

وأين تتجسد غلبة الرجل على المرأة .. في عقله أم جسده طالما أن العقل لا يتميز به الذكر دون الأنثى فهو سمة نسبية في عموم البشر ذكورهم وإناثهم

لكن ماهو المعنى وراء وصفه صلى الله عليه وسلم في سياق حديثه "ناقصات عقل ودين " ولما يُجيره الجهلاء عندما يغضبون من المرأة فهل كان من هديه أن يذم جنساً أو نوعاً !؟



وهل كانت القوامة للرجال تفضيلاً أم تكليفاً أم تشريف ومالذي يتدخل في ذلك هل هي القوة أم العقل

وقد ذكرت أن ميزة العقل هي منحة إلاهية تتدرج نسبياً لا جنساً إنما الذي يختلف هنا وبنص الحديث الشريف

هو "العاطفة" للمرأة و "الصلابة " للرجل

وكانت الفطرة الإلهية بأن فُطرت الأنثى على الرقة والعاطفة والذكر على الصلابة والإقدام

الثلاثاء

الآن وقد أمتلئ رصيد إبليس أين دور الملائة





نكاية من هذا الملعون طــُرد أبونا آدم من الجنة وهبط إلى الدنيا , فكان له السبق في أكبر مشروع فتنة وتحول كوني بإرادة الله والانتقال من برزخ الخلد إلى حياة الابتلاء والفناء


(يا بني ادم لا يفتننكم الشيطان كما اخرج أبويكم من الجنه)


ومخططات إبليس في الوسوسة والغواية عظيمة لاتقف عند حد الإلهاء عن العبادة وإغواء الفرد بل تتعدى ذلك بكثير فمهمته الكبرى هي إغواء أمه


(لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضاولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله)


يقول ابن العربي :


( وكان ما أراد ، وفعلت العرب ما وعد به الشيطان ، وذلك تعذيب للحيوان وتحريم ، وتحليل بالطغيان ، وقول بغير حجة ولا برهان ، والآذان في الأنعام جمال ومنفعة ، فلذلك رأى الشيطان أن يغير بها خلق الله تعالى" شق آذانها" ، ويركب على ذلك التغيير الكفر به).


وإغواء الأمة مُجتمعة أسهل وأسرع على إبليس من إغواء فرد بعينه يتمثل في إشعال فتيل واحد فتضرم النار حتى تحرق أكبر عدد مُمكن ممن حولها


وسُبل الفتنة كثيرة ومتنوعة يزرعها إبليس ويتبناها أولياءه والأمثال كثيرة والمواقف بصيرة , ومنذ بدء الخليقة حتى يومنا ما فتئ هو وقبيله فإبليس منظور وبوسوستة حدثت أول جريمة قتل في تاريخ البشرية "عندما قتل قابيل أخوه هابيل"



وأهم المشاريع التي يُفلح بها إبليس ويتقـُنها موظفوه هي استمراء الفاحشة وإشاعة الزنى وكل ما يُحققه من استباحة للاختلاط وحشر المرأة بالرجل وفض التكليف بينهم وتحدٍ للشرع وفي الحديث


(فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء) والتقوى هنا بمعنى الوقاية


هذا الحديث الذي يُزعج الكثير من عُباد المرأة ويحاولون إسقاطه كما فعل يحيى الأمير بقوله : إنه سياق وحشي لا ينم عن هدي النبي


وموظف إبليس هذا كان يجتهد قدر جهله لإنكار الحديث تحقيقاً لإرادة إبليس وأهوائه


وغيره الكثير الكثير


حقيقة لا أستغرب كثيراً عند مُتابعة أحاديث التنويريون وحججهم فيما يخص المرأة وتشريع الاختلاط من بين قضاياها المليون لإيماني باستفحال الرويبضة وتغريد التافهين


عندما يُبرر هذا التنويري الاختلاط تراه يغص بالكلام يتوه ولا يجد مخرج إلا أن ينقذه أحد بمُقاطعته , يدور حول نفسه وكأنه يسعى لإنهاء مهمة وإنجاز عمل فهم جميعاً يسعون لإرساء مُخطط كبير,


فرجال في أراذل العمر يئسوا من النكاح لن تهمهم المرأة كثيراً لكنهم في مهمة ومهمة خطيرة !


لذلك فإن من الصعوبة بمكان إقناع الرويبضة لما يُعانيه من حُمق والحُمق هو غباء يُصاحبه عناد إنما المأمول هو إفشال سعيهم وإحباط مُخططاتهم بمُجابهتهم وتحطيم أبنيتهم الهشة


والمؤمن الغيور لا ينبغي أن يتوقف عمله عند الصلاة والاستغفار ولا يكفي أن يتغلب على إبليس بمقاومته وتحديه بالذكر والتسبيح إنما له دور ومُهمة أخرى في النشب بحلق كل الأبالسة ودحرهم وتفجير مصانعهم


فالتهاون في إنكار المُنكر والتغافل عن الفتن لهو أيسر الطرق للانقياد لقلب إبليس والاعتياد على ذلك وعندها فعبادتنا وصلاتنا وتهجدنا في انزواء لن تشغل إبليس كثيراً لطالما أن مشروعه الأعظم هو تخريب مجتمع وإفساد أمه وأن موظفوه يعملون بتفاني


ولطالما أننا على أعتاب مرحلة " القابض على دينه كالقابض على الجمر " لذا يجب أن يكون مشروعنا هو مُناطحة هذه العمالة الخائنة