الجمعة

السياسة أصبحت لعبة لكل مُتفلسف

لا يُمكن أن يُنكر أعمى بصير أو يقبل المُزايدة على أن الوضع في السعودية هو أمرٌ يحثُ على الإرهاب ومؤججاً له , بل أنه يغتصبه اغتصاباً
وإن حالة الافتراس في طبيعة الحياة السعودية هي بؤرة مُهيأة لزراعة جينات مُختلفة للإرهاب ومرتعاً خصباً لإنباته – لن تـُطهره جميع أنواع المُبيدات طالما أن التلوث قد حاصر التربة




وإن ما يحدث من تغييب لصوت المواطن وتهميش دوره وتمكين أجندة مُخالفة له ولِقناعاته وثوابته لهو عاملاً رئيسياً في فقد الثقة بالقيادة ومؤشراً خطيراً على ضعف حبل التأييد والذي ما انفك ضموره شيئاً فشيء في أعقاب تدهور الأوضاع وتطور الأحداث سلباً وسريعاً على الساحة الفكرية والسياسية والاجتماعية ‘ الأمر الذي كـُنا نسمع عكسه من بعد غزو الكويت من ترديداً للوعود وبثاً للأمال في نفوس الشعب ‘
وها هو اليوم وقد خابت كل الأمال وانكشفت حقيقة الوعود


وما زال المُنخدعون بتضليل الإعلام والسذج يُعظمون من شأن الإرهاب والذي يقوم من جانب أفراد كردود أفعال وأشخاص ( في الغالب أنهم يُطالبون بالعدل ) في حين أنهم يتغاضون عن الإرهاب الأخطر والمُنظم ‘ وفي حق العقيدة والحياة والإنسانية من حملات التغريب والتخريب والترهيب برعاية الدولة التي لم تكن كذلك في كل عصورها


حقيقة ً أنها مُقارنة ً تدعو للحزن وتبعث لتزلزل الميزان


على الرغم من أنه لا يوجد في السعودية أحزاب سياسية ولا مُعارضة ولا يحدث على أرضها مُظاهرات – والسبب أننا لا نعرف الاعتصام ولا الإضراب بصراحة نحن شعب وقطيع لقطة لكن القيادة لا تـُقدر


ثم لا أدري لم تغضب الحكومة إن كان هُناك إرهاب أو عنف طالما أن النظام فاسدٍ برمته وهذا
رد فعل طبيعي ففساد النظام كفيل بفساد المجتمع – معادلة متساوية صنعتها الدولة ويجب أن ترضى بها




وعـوداً على المُتفلسفون فعند حدوث اعتقال أو أي حدث أمني مهما بلغ تفاهة صفق المُصفقون وهب المُنافقون والمُنافحون بالإنجاز الخطير والتحقيق الفريد للجنود البواسل وجيش نكبة التسعين والتبجيل للقيادة الحكيمة ذات اليد الحانية- لا أدري من أين الحنان وهي التي قصرت عن أداء الحقوق وإقامة العدل والذي هو أساس الأمن




الأمر لم يقف عند ذلك الحد لدى المُطبلون المُبطلون بل تعداه بكثير وقد وصل لتلفيق التهم وتأليف القصص لكل من قـُبض عليه بتهمة الإرهاب وهم لا يعلمون أبعد من أرنبة أنوفهم وقد يفرح هؤلاء عندما يكون المقبوض عليه من خريجي ورواد دور التحفيظ – فهم قد ضاقوا ذرعاً بهذه الدور ولن يألوا جُهداً في قذف " مُحصنة" ذنبها أنها كانت من أهل الدور وأصبحت نزيلة السجون – وهؤلاء ليس عليهم تثريب لأنهم أهل دياثة منزوعي الغيرة وحكم الديوث معروف في الشريعة
وهو أمر يرجع للإمام وبما أن الإمام مشغولٌ في أمور أُخرى فحرياً أن لا نخسر كثيرٌ من الوقت إضافة لما خسرناه



لكننا نتعجب مم يُعتبرون أهل حق وأصحاب رؤى حيادية والذي اشتغلوا بالشكليات والمُلابسات
وأنصتوا للإعلام فاحتوت خطاباتهم على ما جاء به وما فند فلم نجد رأي شخصي منطقي بعيداً عن التطبيل للقيادة ولهؤلاء أقول راجعوا حساباتكم


وإنني لعلى يقين بأني لو جلست مع القصير لساعة لتيقنت بأنها أكثر وداعة ونقاء سريرة من كثير
من شيوخ الغفلة وعساكر القفشة


حقيقة ً أن المُجتمع بحاجة لإعادة تأهيل وصياغة فكر وأن يصبح الفرد قادراً على إبداء رأيه بعيداً عن التلقين والتقليد –
أعتقد أننا إلى الآن لم نصل لمرحلة الإرهاب الذي أُلصق بالمجتمع

الأربعاء

إشكالية النظرة إلى الشيوخ المنتكسون - شرعيتهم وتأثيرهم

لا غرو أن الشيخ هو طالب العلم أو العالم الشرعي الرباني الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر الناصح
قولاً وعملاً والموقن بما جاء في باب الولاء و البراء , المُسدل لحيته لا يُجادلها ولا يمُسها بمقص , لا يُحدث بها
ترميماً كما لم يُرمم عقيدته
ولن يرضى بحال أن يكون تحت مضلة الدعـوة إلى التعايش – التعايش وليس الحوار لأن الحوار يتضمن المُباح
والواجب كالدعوة إلى الله – والهدنة – وبعض المصالح الدنيوية المشروعة التي تـُمارس بين المُسلمين والكفار

إنما الحوار بغطاء التعايش جوراً, وبطائل الخذلان وهو الاندماج مع الكفر بذريعة التسامح هذا التسامح والذي أصلاً لن يقضي على الصراع ولن يُنهي الاحتلال ,
كل ذلك بسبب النسف بقاعدتي الولاء والبراء
ومقاصدهما السامية والتي يرى التنويريون السعوديون أنها سبب الأزمة في التهاب مشاعر الغرب

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ

المهم أن هؤلاء الشيوخ والذين أضافوا مُحسنات إلى دينهم كما حَسَنوا لحاهم ما زالوا يخدعون مُتابعيهم ومولوهم
أمرهم بواسطة إسدال اللحية , فضلوا محسوبين على المشايخ وأهل العلم الشرعي وهم لا يعدون كونهم نظريين
وباحثين في عامة العلوم , تنحوا عن طريق الشريعة- مُبررون للذرائعية , يجترون النظريات الليبرالية ويلوكونها مراراً وتكراراً حتى حفظناها صم

والمُشكلة لطالما بقيت اللحية وإن لم يكن شيخ فسيكون من عداد المشايخ ضمناً أم مجازاً , فصوته مسموع , تؤخذ منه الشبهات خاصة من الذين لم يزالون يولوهم الثقة حتى بعد انحرافهم
وانخراطهم في سِلك الحداثة
وليست المشكلة في أنه كان-شيخ- وأصبح- شبح- شيخ فهذه لا يُميزها غير العارفين بمبادئ الضلال والزيغ
إنما المشكلة في بقاء اللحية على حافة تلك المبادئ

فاللحية عند عامة الناس وخاصتهم هي ميزة رجل الدين بكافة الدرجات , فهي المعول الذي يعول عليه الناس في تمييز
الرجل المُتدين التقي وهي دليل الاستقامة والصلاح

لذلك فإننا كثيراً ما نسمع عمن استغلوا هذه الميزة والقداسة وأطلقوا لحاهم فترة من الزمن لابتغاء منافع ثم بعد
أن بلغوا مآربهم أزالوها بلا مُبالاة وبكل تجرد

اللا مُبالاة هذه والتي يتصف بها شيوخ اليوم تجاه الدين والغيورين عليه لو كانت لامُبالاة من ناحية اللحية لأقتصر الشر عليهم ولم تشمل الفتنة الدين ولــ انتفى الشيوخ من ذلك كله
بدلاً من السخرية بهم في كل محفل
بسبب ثــلة من لـُحى الموضة " ليميز الله الخبيث من الطيب "

ما أُريد قوله هُنا ومن باب العمق الذرائعي في منهج هؤلاء الشيوخ العصرانيون ونظرياتهم العصرية تجاه الدين
وبما أنهم تنازلوا عن كثير من مقومات الشريعة وآدابها بأسلوب نفعي – كان حرياً أن يحلقوا لحاهم لكي لا يخدعوا الأمة أكثر من ذلك

فمثلاً لو كان سلمان العودة بدون لحية لما خلق كل هذا الجـدل
و
اللحية- منها الطويلة –الوسط – القصيرة- حسب مفهوم كل مُلتحي , فلو رأينا رجل مُتدين يُهذب لحيته يقصها يُزخرفها فأمره متروك له طالما أنه ليس بمنصب شيخ ,
لكن أن نرى شخص بنصف لحية أو بلحية كاملة ثم يُفصل الدين على مقاس لحيته فذلك غير مقبولاً البتة

ما أعنيه هو أنه لا يجب أبداً أن تكون اللحية محل شبه على حساب الدين والعكس فيؤخذ الدين بمقتضاها
وعلى العموم فالدين والتـُقى لا تُحدده اللحية , لكنه أيضاً من السفاهة والخيانة أن يجعل التنويريون اللحية ميزةً لإتباعهم والاقتداء بهم

مشاريع التغريب في السعودية والدُعاة الرسميون

لا يخفى على مجنون أيها العقلاء أن التوجه الغربي في السعودية بدأ واضحاً جلياً وأن حملات التغريب وحركات التحرير على أشدها
والتي تتبناها جهات رسمية ذات علاقة مدروسة ومُعدة مُسبقاً , وما الخُطب والشعارات التي يعدُها الأفراد إلا أجندة تـُديرها وتعدها تلك الجهات
وأدوات تغيير خاضعة للتلف والتبديل بأي وقت وعند الحاجة مثل تماماً ما يحصل في أروقة الحقائب الوزارية – فكل ما هلك تنويري خلفه أكبر منه

هذه المُحاولات والتي تتمثل في عمل مُشترك ودءوب بين وزارات التخريب منه ما هو علني داخلي مكشوف للعيان تكمن مهمته في التغيير الداخلي
وتتمثل في صبغ هوية المجتمع فكرياً وتربوياً , ومنه ما هو خفي يُدير أطراف اللعبة ويُثبتها خارجياً لتكتمل فصولها ويصبح الاندماج على أكمل وجه


أما الشركاء العلنيين فهم
وزارة التعليم
ولن اسبقها بالتربية لأنها بدأت تحيد عن أسس التربية السليمة
ودور التعليم في التمهيد لحملات التغريب وتأصيلها هو دور مهم وخطير جداً يكمن في تدجين الناشئة ودبلجة مفاهيم الأجيال
وذلك ليس في طُرق المناهج الجديدة التي تـُلاءم التوجه الغربي وحسب وإنما تعداه إلى التدخل بخصوصيات المجتمع والعبث بأصول التربية
لتتواءم وأساليب التربية الحديثة المُستخلصة من فكر الغرب وتتمثل في تقنين مشاريع الاختلاط شيئاً فشيء ابتداءً بدمج الصفوف الأوَل وإنشاء جامعة
مُختلطة ومروراً بإضافة حصة الرياضة للبنات إلى اعتماد أندية نسائية ثم أولمبي ..الخ


وزارة التعليم العالي
وهي المُناضل المهم والمُكافح من أجل حركة التغريب والراعي الرسمي لهجرة العقول الغضة بذريعة صقل اللغة, التي تترأس حملة البعثات الغريبة
وغير العادية للشباب والفتيات على حد سواء وما قبل السن الجامعي للبنين الذين لا ضمان لحمايتهم


وزارة الإعلام
والتي تـُعتبر العمود الفقري لحركة التغريب والمُمول والناشط لا تفتأ عن كل ما يُسهم في توطين الحداثة وتلميع رموزها , هذه الوزارة والتي تعول
عليها كل الوزارات تتبنى عملاً واضح ومكشوف للجميع وهو تمرير النشاز من الفكر وتمكين أصوات المُنحرفين عبر الصحف وبث برامج الأدلجة
وتزييف الشريعة عبر قنواتها الفضائية بلغة التظلم والانكسار وتصور المُشرع على أنه المُستبد ورموزه متشنجون


وزارة العدل
وهي وزارة لا تمت لا للعدل ولا للمُساواة الطبيعية لا تهاب ولا تخشى الله ماضية في إرساء دعائم الباطل من بين يديها وتحريف الأحكام الشرعية
مُستغلة سلطتها التنفيذية في تمكين أجندة التحرير وألوية التغيير في عصرنة الدين ولعل خطة تحديد سن الزواج هي أول الطرق العلمانية المُشرعة حالياً
إلى أن يُشرع زواج الكفار


وزارة العمل
باعتبارها أول من سن ورعى الاختلاط وهي الحليف الأول للمشروع فقد بذلت جهوداً جبارة في قيام هذا المشروع ودعمه دعماً لوجستياً وميدانياً بحكم أن الراعي
أكاديمي ومُفكر حتى أصبح حياً فالعمل هو نهاية طرق الاختلاط



ونأتي للأدوار الخفية وغير الواضحة والرؤيا المزدوجة


وزارة الداخلية
وقد أوهمت الجميع بأنها تمسك العصا من المنتصف وهي غير ذلك البتة – فهي تارة إلى أقصى اليمين وتارة إلى أقصى اليسار حسب نوع الأمن الذي
تنشده وتعريفات الإرهاب ومُقتضياته التي تراها , فما يُخل بسيادتها وقوانينها تحت أي طائل ومُبرر لا يُمكن أن تُمرره أو تسمح به حتى لو لم يكن في الأصل إرهاب
فسيكون إرهاب في عُرفها وسيُصدق به الجميع
أما ما يضمن لها السيادة والقوامة فهو مكفول تتغاضى عن سوءاته تحت أي لواء وأي مُسمى – وهي ترى أن الإصلاح رديف الإرهاب وهذا هو الإرهاب بعينه
فهُناك خطوط حمراء بالنسبة لها لا يُمكن تجاوزها والحديث عنها وبلا شك أن الدين لا تتضمنه هذه الخطوط , ذلك كفيل بأن الوزارة لا تبتغي الإصلاح بل أن أهل الصلاح
والحق مُطاردون وتمتلئ بهم السجون
أما المُتطاولون على حمى الدين الخارجون عن لواءه مسكوت عنهم فهي تُطبق " يقولون ما لا يفعلون " إلا فيما تـُريد – مثلاً دائماً ما يخرج الأمير نايف بتصاريح ليس عليها
أي معول أو ناتج صرح مرة بقوله أن جريدة الوطن توجهها سيء وهم من يدعمها ثم قوله أن الهيئات قائمة ما قامت الدولة السعودية وفي الأصل أنهم قلصوا دورها وهُناك أماكن
لا تدخلها الهيئات إلى ما هُنالك من تلك الكلمات الرنانة التي يُلمعون بها أنفسهم

وزارة الخارجية
يكفي لو لم يأتي منها غير تصريح الفيصل الأخير للصحفية الأمريكية حين قال
إن عجلة الإنفتاح والتقدم لا رجعة عنها وأن جهود بناء مجتمع ليبرالي بدأت وأن المطاوعة ورجال الدين الذين ينفثون فتاويهم بين
الفترة والأخرى يعبرون عن أحباط ولا قدرة لهم على إعادة عقارب الساعة إلى الوراء

وهذا كما أسلفت الدور الخارجي والشكل النهائي الذي يُخططون له وتسعى له القيادة وما المؤسسات الأخرى إلا دمى مُتحركة ولكنها بوجه المدفع فالمجتمع يُلقي بالائمة دوماً عليها
مسكينةً تلك المؤسسات ومسكينٌ ذلك المجتمع