الثلاثاء

دواعي المد الشيعي وتداعياته في المنطقة


بسم الله الرحمن الرحيم





شهدت المنطقة تغيرات وتحولات كثيرة وعصيبة في فترات مُتقاربة ما بين الثمانينيات والتسعينيات ..
لم يكن للمشهد الشيعي أية حضور طيلة تلك الفترة

بدأت هذه التحولات بالنزاع الإيراني العراقي والذي استمر ثمان سنوات في حرب حدودية ...كانت دول الخليج تقف مع العراق وتمده بالأسلحة طوال هذه السنوات

مُحاولة منها في صد المد الصفوي نحوالمنطقة ..
وبغض النظر عن اختلاف هدف دول الخليج وهدف صدام من حرب إيران وشرعية تلك المُساعدة ....
إلا أن المد الشيعي لم يكن بهذه الشراسة وهذا التغلغل كما الآن والصد الخليجي الذي نعهده لم يغدو كما في هذا الوقت , ربما لأن نظرية العداء التي لم تكن طائفية بحتة بقدر ما كانت سياسية وإقليمية لكلا الطرفين

انتهت الحرب وخلصت بشبه انتصار للعراق_ وشيعة العراق وهم كُثر لم تكن مولاتهم لإيران المجوسية فكان الجميع يَنشد وحدة العراق .


وحال انتهاء صدام من حربه مع إيران , توجه بطريقة أمريكية أو بأُخرى إلى غزو الكويت وتهديد السعودية !!

فتحول العداء الخليجي الإيراني إلى عداء عراقي وأصبح العراق بقدرة قادر إلى العدو الأكبر لدول الخليج !

انسحب صدام من الكويت وبدأت النفوس الحاقدة على العراق تصفو من ناحية إيران

فبدأت دول الخليج تسعى لإبرام صلح مع إيران وتعاون مُشترك وكانت فرصة سانحة للإيرانيين.. لكنهم أيضاً

ليسوا بتلك المروءة حتى ينسوا ما مضى.. فالأخلاق لاسيما رافضية

اجتمع رموز الجيش الإيراني بالرياض وعقدوا صلح وكان الابتهاج يعلوا مُحياهم ولسان حالهم يقول : ناوي لك على نية ^-^



أغارت أمريكا على العراق في حربها الثانية بحجة أسلحة الدمار الشامل وحققت ضربات كبيرة

لكنها فوجئت بشراسة المُقاومة العراقية التي لم تتوقعها لظنهم بأن العراقيين يريدون الخلاص من صدام !!

وقد لقنتهم المقاومة دروساً شتى في التنكيل والبطش العراقي مُنقطع النظير فكانوا يُحاولون جاهدين الخروج من ذلك النشب
 
سيما وأن المطامع في العراق تبخرت إزاء ما تكبدوه من خسائر وفضائح وكان لابد من إيجاد مخرج <<

عندها علموا بوجود طوائف مُتعددة في العراق , فكانت فُرصة ثمينة لهم , فأطلقوا العنان للتحريض بين الطوائف

وبث الفتنة بين السنة والشيعة بمُساعدة الخائنين وحتى تكون حربهم بينهم ونجحت في ذلك نجاحاً لم تُحققه

مُقاتلاتهم والفتنة أشدُ من القتل.. فانشغل العراقيين بالثأر من بعضهم فتأججت الفرقة

الجدير أنه لم تكن هنُاك بوادر لذلك الصلح الإيراني الخليجي ولم نرى له أثراً واضح لأسباب أهمها عدم التلائم العقدي ثم

انكسار شوكة العراق التي لولا طموحات صدام غير العقلانية لكانت حصناً منيعاً للمنطقة بأسرها

فإيران بعدما تخلصت من العراق لن تكون بحاجة إلى مؤازرة دول الخليج

المهم أن قوة العراق تبخرت وإيران استقوت وضلت دول الخليج تتثاقل الخطى تشكو

بطش القريب وبغاء البعيد وتشد الأزر بأمريكا

والإيرانيون يتحلون بالصبر ويتحيلون الفرص ويا فرصة اليوم بغزو غداً بثورات

دقت الساعة وحانت الثورة – وتلاحقت الثورات العربية بتجرد حتى وصلت البحرين

ذات الكثرة الشيعية فحشر الشيعة أنوفهم بالثورة لينفردوا ببشاعة العمل وخبث التدبير فشاهت الثورة

وانحرف مسارها لِتُصبح طائفية وإيران من ورائهم القوي المتين
الأمريكان صَدروا الفتنة الطائفية العراقية إلى دول الجوار أثناء احتلال العراق ثم أيقضتها الثورة من جديد وحَسنتها وعملت عليها إضافات

هذه التحولات الخطيرة والمنعطفات التي اعترضت مسيرة الأمة المنصورةوأضعفت شوكتهم هي بادئةٍ للعيان ويراها الجميع

وأما ما وراء الأكنة الرافضية فالله به عليم غير أن الروافض لا يُحافظونعلى المكنون فمُخططاتهم في الاستيلاء على المنطقة قد فاحت رائحتها لكن من يعيها

وما يسترعي الانتباه أن الشيعة في البحرين قاموا بشراء شوارع رئيسيةفي المنامة بأثمان باهظة ومثلها في المدينة المنورة ونجد وأماكن كثيرة في شتى أطراف المملكة مُستغلين الأحداث والتي كانت حليفهم


فماذا يُريدون من وراء هذا التملك ومن يُساندهم ؟

دعوى ضرب الدين بالدين


بسم الله الرحمن الرحيم



يَدَعي الكثير اعتقاداً أو هوى وعندما تتعارض مصالحهم مع الشريعة- ضرب الدين بالدين من قبل مفتي الساسة ومن قِبل المُتخاصمين في حكمٍ ما , أي أن هُناك من يستخدم النصوص متى ما أراد ويستدل بها للتضاد بينما ما معهم وما يرونه هو الدامغ والعكس بحسب الحاجة .افتراء على الدين , مع أن الاختلاف في نصوص الشريعة أمراً مُستحيل ويُنافي ما جاءت به وإنما التآويل هي المُضادة - ولو وَجدوا أصلاً مناصاً لضَرب الدين ببعضه لم يألوا جُهداً لكنه النزاع والولوغ في نُصرة الذات


والاختلاف حول فهم بعض النصوص والتعاطي معها أمراً حاصلاً لا محالة فهماً أو توهماً, وهُناك المُجتهد والمُدعي .
لكنه لا يعني اختلاف سياقها , وإنما هُناك من يلوي أعناق النصوص لتتماشى مع هواه- ولم نسمع أن أحداً ألف آيةً أو اخترع حديث فحسبُنا الله على من يلوي أعناق النصوص عالم كان أو مُتعالم أو مُتعالم
أما الاختلاف بين العلماء الربانيين المُستقليين فهو أمر حاصل ولا ريب فيه لِما يتحقق في هذا الاختلاف من سهولة ويسر على الأمة - قال ابن قدامة في المغني: وجعل في سلف هذه الأمة أئمة من الأعلام، مهد بهم قواعد الإسلام، وأوضح بهم مشكلات الأحكام، اتفاقهم حجة قاطعة، واختلافهم رحمة واسعة


لو كان هُناك تضارب بالدين لكان هُناك ضلال ليس بعده هدى وظلام ليس وراءه نور وهذا يعني أن الدين مُتعارض وتختلف نصوصه ولو كان كذلك لم ينكف الجدال في أي أمر ولاستطاع كل مُجادل أن يأتي بنص يؤيده
ومن الأمور المُقررة في الشريعة أن الحكم الشرعي ذاته ثابت لا يتغير متى اتفقت صور مسائل واتحد مناطها وإنَّما قد يتغير مناط الحكم تبعاً لتغير الصور أو دخول العوارض المعتبرة في الشرع ، ومن ثمَّ تتغيّر الفتاوى عند تنزيلها على المسائل والوقائع ، تبعاً لذلك .



فالدين الإسلامي دين واضح المعالم مُحكمة نصوصه و مُتناسقة- ومنهجه القويم كان مُبيناً ومُفصلاً لجميع نواحي الحياة والآخرة إنما أتى التشريع الإسلامي مُتواتر ومُتدرج لكثير من الأحكام والعبادات وكان هُناك الناسخ والمنسوخ في القرآن والسنة النبوية, والهدف من النسخ في الشريعة هو التدرج في الحكم والتخفيف لمصلحة المُكلف - لذلك فإن من كان في قلبه مرض أو في عقله جهالة يظن أن في أحكام الشريعة تخاصم وصدام

قال الإمام الشافعي: "إن الله خلق الخلق لما سبق في علمه مما أراد بخلقهم وبهم، لامعقب لحكمه وهو سريع الحساب، وأنزل عليهم الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة، وفرضفيه فرائض أثبتها وأخرى نسخها، رحمة لخلقه بالتخفيف عنهم، وبالتوسعة عليهم، زيادة فيما ابتدأهم به من نعمه، وأثابهم على الانتهاء إلى ما أثبت عليهم جنته والنجاة منعذابه، فعمتهم رحمته فيما أثبت ونسخ، فله الحمد على نعمه"

وقد أتى الهدي النبوي مُكملاً للكتاب ومُفصلاً لما قد أُشكل على الأمة - فجدد التشريع وتوسع في التيسير بكمال المعاني وبيان الألفاظ ولم يحيد عن القرآن إلا بما نسخ منه وكان معلوماً ومعروفاً ومحفوظاً - فكان هُناك أحاديث يظهر لقارئها أو سامعها أنها مُختلفة في الحكم على نفس المسألة وقد قام الإمام الشافعي بتوضيح ذلك وإزالة الإشكال في كتابة المشهور اختلاف الحديث ومن ذلك كأن يكون أحد الحديثين أو الحكمين منسوخا أو بينهما اختلاف لغوي أو أن يوجد هناكمرجح لحكم على آخر سواء من ناحية سند الحديث أو متنه وبين الشافعي في هذا الكتاب الأحكام التي أخذ هو بها في مذهبه

إنما هُناك من يستغل الدين أيما استغلال بجعله حصن وحماية لمبادئه , فرداً- أم فئةً -أم نظاماً فيُجعل ترباساً لا يُتيح الملوص منه متى ما كان في صالحه , ويُطمر ما إذا كان فيه تعارض لتلك المبادئ وهو نفس الدين الذي يراه الملوك بأنه- حجة لنا ولا حُجة علينا – وهذا ما يُعرف بتسيييس الدين الذي حولهُ الخصام- فخاصموا السياسي ولا تُخاصموا الدين- والله أعلم