الثلاثاء

السعودية لا تملك غير المال ولا تـُجيد غير تبديده



إننا ندرك حجم الإنفاق الهائل والذي تـُبدده الدولة داخلياً وخارجياً في مختلف الأشكال والاتجاهات سيما وأنها
 
تتربع على صحاري الكنوز ودياناً وشعاباً وجبالا
لكننا أيضاً لسنا مُجبرين على الاعتراف والتسليم بهذا الإنفاق طالما أنه في غير وجهه وطالما


أننا لم نجني من وراءه غير تقاطر اللعاب والذي ما انفك سيلانه في خضم التبرعات المُتخبطة


والمُستمرة على مدار السنة لنيل ثناء الآخرين وكسب انقيادهم وهو ما تنشده الدولة أما


الشعب فتكفيه الجنسية يشبع بها حتى يزداد تخمة فهو مُتخمٌ حد الثمالة ببركة الشيوخ وهيبتهم

إننا لو قارنا حجم ما تنفقه السعودية بحجم ما تنفقه دولة أوروبية صناعية إنفاق منضبط


لتبين لنا أن السعودية تملك كنز قارون ، لكنها تفتقر لخاتم سليمان والذي يؤهلها لإدارة هذه الأموال والتمتع بها في العدل
هذا الإرث السائب والصرف الذي ليس له زمام , لم يُعلمنا السرقة , فنشأ الشعب مُستكثراً أبسط حقوقه


مُتخاذلاً عن المُطالبة بها راضِ بسحق مدنيته , مُتذرعاً بالأمن والأمان ثمناً لرضوخه وكأن الأمن ضريبة العوز !
نحن مع ما نحظى به من إمكانات متعددة وقوة اقتصادية كبيرة إلا أننا نفتقر لأبسط المقومات


التي تستثمر تلك الإمكانات , وهي الموازنة والاتزان والتخطيط ، فغنى من غير تدبير يُقابله فقر


فهناك ميزانية ضخمة مُقدرة لكل وزارة ولكن ليس ثمة تقدم ولا أدنى مُتابعة فالنهب هو القاسم

المُشترك على كافة المستويات والكل يستقطع من الكيكة الحصة التي يظفر بهـا


فالاعتبار في الكيف لا بالكم فهذا الإنفاق الهائل يضل كالسراب في غياب الكيفية وانعدام الذمة


السعودية قادرة على أن تُصبح أفضل وتستطيع تحسين مستواها في جميع نواحي الحياة

والمعيشة – سيولة وكوادر ونظام لكنها لا تسعى لذلك وربما أنها في رضا عن تدهور حال المواطن
دولة تملك أكبر احتياطي نفطي في العالم وتـُعد من دول العالم الثالث !
فهي لا تملك غير المال ولا تـُجيد غير تبديده
وليت هذا التبديد يُساهم في تحسين المعيشة لكنه يتسبب في غلاءها
فيُفقر الفقراء ويُغني الأغنياء – مُعادلة ليس لها وجود إلا في الحسابات السعودية !
نظامُنا السعودي نظام فاشي يتعامل بازدواجية وإقصاء في مدخولات الفرد وحقوقه المدنية هبات كانت أم مرتبات
وشعارنا أن المال يذهب لصاحب المال والعطايا لصاحب النفوذ

 
إسفاف وتقتير في المُرتبات


فهـُناك من يستلم 80 ألف مع المزايا والبدلات والمُخصصات وهُناك من لا يتجاوز مُرتبه ألف ريال ولا يحظى بأية ميزة وليس له أي دخل آخر
ولربما أقدم على الانتحار وانحرف لشدة عوزه


الكادحون وهم الأغلبية لكنهم هم الفئة المُهمشة محرومون من التأمينات ولا يملكون غير رواتبهم
في الوقت الذي يتمتع أصحاب الوظائف المرموقة والحساسة بكافة الاعتبارات والتميزات
بدلات \ عادات \ استثناءات \ ولا يُطبق عليهم نظام التغريم فالغرامة لا يتحملها إلا الضعيف


ولربما ادخروا رواتبهم واستفادوا من باقي الإعاشات الممنوحة لهم , ولربما


راودهم الانتحار من الترف والبطر !
ونظام العادات السنوية من المُفترض أنه يختص بأصحاب الدخل المحدود والفقراء حتى
يُساندهم ويؤتي أُكله لكنه من المؤسف أن الكثير ممن يتمتع به هم الفئة الشبعانة  


الذين لهم سلطة وصلاحيات فبمُجرد إرسال طلب ومن ثم ينزل في الحساب
الغني مكفولٍ محمول والفقير مُبعد ولولا الحسنات لما وجد كفنه بعد الممات


السعودية تدعي الإنسانية وتتشدق بتطبيق الشريعة ونظامها أشبه بالرأس مالي


فإنسانيتها تجاه الغريب ومالها للبعيد !


وفي عقب كل نكبة تحل بنا تقوم بتقديم المكرمات لدول الجوار, لا أدري هل هي بنية الصدقة


ليرفع الله عن شعبها ومن باب ( داووا مرضاكم بالصدقات ) أو من باب الضرب على قفا المواطن

 
فهو الذي تقع عليه اللائمة في كل مُناسبة وكارثة حتى لو كانت طبيعية !

ومتى تعود هذه التبرعات الخارجية بالفائدة على الشعب ؟

فلم ينفع رعايانا في هذه الدول التي لا تحترم آدميتهم !


قبل ما يُقارب خمسة وعشرين سنة تبرع الملك فهد ببناء مدارس في مصر مفروشة بالموكيت

ولدينا تنهار المدارس المُستأجرة وتتصدع من تحت أرجل التلاميذ بل ودورات هذه المدارس لا تتبول بها حتى القطط !
ثم يتكفل الملك عبدالله على عهد أخيه بـبناء بيوت سكنية عبارة عن 70 ألف وحدة للأردن من الطراز الجديد في الوقت الذي يتكرم الوليد بـ 100 مسكن
فقط في وطننا وليتها كمساكن الأردن لكنها أشبه بعلب السردين


وقد أتت بعد الضجة التي تبعت ذلك التبرع الظالم والذي غض الطرف عن سكان الصفيح والعشش والجبال ومن يتسكع في حواري جدة القديمة لقلة الوالي


وتستمر مسيرة النماء ويد العطاء للغرباء فقد تبرع الملك عبدالله هذه السنة للبحرين بإنشاء مدينة طبية في البحرين بتكلفة مليار ريال ولا أعلم هل تستوعبها
البحرين أم ستكون غطاسة في البحر على غرار جسر المحبة ، وبالتأكيد أن 90% من مُراجعي المدينة الطبية بعد انتهاءها هم سعوديون !

ومع ذلك كله فالدولة لا تكتفي بالتقتير على المواطن بل تنهب ماله إما شريك أو مستحوذ
تحت مُسمى تحسين المعيشة في ادخار الأموال في سوق الأسهم الذي أكل الأخضر واليابس


بل لم يتورعوا عن أكل أموال اليتامى والأرامل في شركات التعثر والشركات المُساهمة الذي استمر مسلسلها ردحاً من الزمن ولم يزل
هذه الازدواجية والميل الغليظ لا يُعبر إلا عن مدى الإسفاف بالثقة تجاه الآخرين ونظرة القصور للمجتمع فهو لا يستحق شيء
__________________

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.