الثلاثاء

دعوى ضرب الدين بالدين


بسم الله الرحمن الرحيم



يَدَعي الكثير اعتقاداً أو هوى وعندما تتعارض مصالحهم مع الشريعة- ضرب الدين بالدين من قبل مفتي الساسة ومن قِبل المُتخاصمين في حكمٍ ما , أي أن هُناك من يستخدم النصوص متى ما أراد ويستدل بها للتضاد بينما ما معهم وما يرونه هو الدامغ والعكس بحسب الحاجة .افتراء على الدين , مع أن الاختلاف في نصوص الشريعة أمراً مُستحيل ويُنافي ما جاءت به وإنما التآويل هي المُضادة - ولو وَجدوا أصلاً مناصاً لضَرب الدين ببعضه لم يألوا جُهداً لكنه النزاع والولوغ في نُصرة الذات


والاختلاف حول فهم بعض النصوص والتعاطي معها أمراً حاصلاً لا محالة فهماً أو توهماً, وهُناك المُجتهد والمُدعي .
لكنه لا يعني اختلاف سياقها , وإنما هُناك من يلوي أعناق النصوص لتتماشى مع هواه- ولم نسمع أن أحداً ألف آيةً أو اخترع حديث فحسبُنا الله على من يلوي أعناق النصوص عالم كان أو مُتعالم أو مُتعالم
أما الاختلاف بين العلماء الربانيين المُستقليين فهو أمر حاصل ولا ريب فيه لِما يتحقق في هذا الاختلاف من سهولة ويسر على الأمة - قال ابن قدامة في المغني: وجعل في سلف هذه الأمة أئمة من الأعلام، مهد بهم قواعد الإسلام، وأوضح بهم مشكلات الأحكام، اتفاقهم حجة قاطعة، واختلافهم رحمة واسعة


لو كان هُناك تضارب بالدين لكان هُناك ضلال ليس بعده هدى وظلام ليس وراءه نور وهذا يعني أن الدين مُتعارض وتختلف نصوصه ولو كان كذلك لم ينكف الجدال في أي أمر ولاستطاع كل مُجادل أن يأتي بنص يؤيده
ومن الأمور المُقررة في الشريعة أن الحكم الشرعي ذاته ثابت لا يتغير متى اتفقت صور مسائل واتحد مناطها وإنَّما قد يتغير مناط الحكم تبعاً لتغير الصور أو دخول العوارض المعتبرة في الشرع ، ومن ثمَّ تتغيّر الفتاوى عند تنزيلها على المسائل والوقائع ، تبعاً لذلك .



فالدين الإسلامي دين واضح المعالم مُحكمة نصوصه و مُتناسقة- ومنهجه القويم كان مُبيناً ومُفصلاً لجميع نواحي الحياة والآخرة إنما أتى التشريع الإسلامي مُتواتر ومُتدرج لكثير من الأحكام والعبادات وكان هُناك الناسخ والمنسوخ في القرآن والسنة النبوية, والهدف من النسخ في الشريعة هو التدرج في الحكم والتخفيف لمصلحة المُكلف - لذلك فإن من كان في قلبه مرض أو في عقله جهالة يظن أن في أحكام الشريعة تخاصم وصدام

قال الإمام الشافعي: "إن الله خلق الخلق لما سبق في علمه مما أراد بخلقهم وبهم، لامعقب لحكمه وهو سريع الحساب، وأنزل عليهم الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة، وفرضفيه فرائض أثبتها وأخرى نسخها، رحمة لخلقه بالتخفيف عنهم، وبالتوسعة عليهم، زيادة فيما ابتدأهم به من نعمه، وأثابهم على الانتهاء إلى ما أثبت عليهم جنته والنجاة منعذابه، فعمتهم رحمته فيما أثبت ونسخ، فله الحمد على نعمه"

وقد أتى الهدي النبوي مُكملاً للكتاب ومُفصلاً لما قد أُشكل على الأمة - فجدد التشريع وتوسع في التيسير بكمال المعاني وبيان الألفاظ ولم يحيد عن القرآن إلا بما نسخ منه وكان معلوماً ومعروفاً ومحفوظاً - فكان هُناك أحاديث يظهر لقارئها أو سامعها أنها مُختلفة في الحكم على نفس المسألة وقد قام الإمام الشافعي بتوضيح ذلك وإزالة الإشكال في كتابة المشهور اختلاف الحديث ومن ذلك كأن يكون أحد الحديثين أو الحكمين منسوخا أو بينهما اختلاف لغوي أو أن يوجد هناكمرجح لحكم على آخر سواء من ناحية سند الحديث أو متنه وبين الشافعي في هذا الكتاب الأحكام التي أخذ هو بها في مذهبه

إنما هُناك من يستغل الدين أيما استغلال بجعله حصن وحماية لمبادئه , فرداً- أم فئةً -أم نظاماً فيُجعل ترباساً لا يُتيح الملوص منه متى ما كان في صالحه , ويُطمر ما إذا كان فيه تعارض لتلك المبادئ وهو نفس الدين الذي يراه الملوك بأنه- حجة لنا ولا حُجة علينا – وهذا ما يُعرف بتسيييس الدين الذي حولهُ الخصام- فخاصموا السياسي ولا تُخاصموا الدين- والله أعلم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.